*حروب لجان المباني: فوضى تهدّد السلامة العامة* زينب حمود لم يعد الحديث حول لجان الأبنية يرتبط بتنافر ألوان ستائر الشرف

عاجل

الفئة

shadow
*حروب لجان المباني: فوضى تهدّد السلامة العامة*


زينب حمود

لم يعد الحديث حول لجان الأبنية يرتبط بتنافر ألوان ستائر الشرفات وتشابك أسلاك الكهرباء وجودة طلاء الجدران والبلاط. نتائج تعطيل اللجان باتت أكثر «كارثية»، مسجّلةً في الأشهر القليلة الماضية سقوط مبنيَين في منطقة الشويفات، وجزء من مبنى في منطقة الرحاب، ومصعد في بئر العبد، وحاصدةً ضحايا وجرحى وخسائر مادية. في جولة سريعة على الأبنية في أكثر من منطقة، يتكشّف تراكم الأعطال على مستوى الإنارة والمصاعد والنش، إلى جانب «الحروب» التي تدور حول مواقف السيارات.يربط الخبير المحلّف في المحاكم اللبنانية المهندس المدني جهاد حيدر أحمد تهالك الأبنية والفوضى التي تعمّها بغياب مفهوم اللّجنة كجمعية تدير مصالح البناء وسكانه. ويشير إلى أنه «أثناء الكشف على سلامة الأبنية، لاحظنا أنّ إدارة المساحات المشتركة لا تحصل بالتوافق أو عبر انتخاب رئيس اللجنة وأعضائها، بل كيفما اتفق، وبالقوة في بعض الأحيان». لا تسري الديموقراطية في منطقة الليلكي مثلاً، إذ يمنع «كبير الحيّ» إجراء انتخابات لجان الأبنية ويختار رئيس اللجنة بنفسه، وينسحب منطق القوة على تقسيم مواقف السيارات بين سكان البناء الواحد، إلى جانب «مبانٍ تفتقر إلى وجود لجان، ويتخلّف مالكو الشقق عن أداء واجباتهم تجاه الملك المشترك. وفي كثير من الأحيان، لا يجري التصويت في لجان الأبنية، بل تتخذ القرارات من قبل من يمسك بالصندوق، أو يُعيّن رئيس جمعية المالكين بالتراضي وليس بالتصويت، نظراً إلى المسؤولية الكبيرة التي تقع على عاتقه وندرة المالكين الذين يتطوّعون لحملها» بحسب المحامي بول مرقص.
وفي الغالب، هناك من يتخلّف عن دفع ما يتوجّب عليه لصندوق اللجنة، إما لعدم قدرته المادية أو لاتهام رئيس اللجنة بالاختلاس، فينتهي الأمر بفضّ اللجنة أو تجميد عملها ومراكمة الأعطال. لذلك يقول رئيس لجنة مبنى في الأشرفية إنه «لا يوجد أسوأ من إدارة مؤسسة مشتركة لا يكترث سكانها للمصلحة العامة، فيرفض سكان الطابق الأرضي مثلاً المشاركة في عزل سطح البناء لأنّ النش لا يطاولهم، أو تسديد فواتير المولد الخاص بحجة أنهم لا يحتاجون إلى المصعد 24/24، رغم أنهم يستفيدون من إنارة المدخل وسحب المياه إلى الخزانات». ودفع الخلاف على تشغيل المصعد على المولد الخاص بين الطوابق السفلية والعليا سكان بناء في الطيونة إلى «التقسيم»، وإقفال أبواب المصعد عن الطوابق المعارضة.
إدارة المساحات المشتركة لا تحصل عبر الانتخابات بل كيفما اتّفق وبالقوة أحياناً

لماذا يفشل سكان المبنى الواحد في كثير من الأحيان في إدارة المساحات المشتركة؟ صحيح أنّ اللبناني كائن اجتماعي فعلاً، ويميل إلى العيش ضمن مجموعة، لكنه «يفتقر إلى الشعور بالانتماء إلى الدولة، والحيّ، والشارع، وحتى البناء، عدا عن أنّ غياب الدولة أنتج ثقافة اللانظام. لذلك تجد أحدهم حريصاً على نظافته الشخصية ونظافة منزله وترتيبه، لكنّه لا يتحمّس لتوحيد لون ستائر الشرفات مع الجيران أو تركيب دش واحد للستلايت يوزّع أقنية أكثر على الجيران من دون أن يشوّه المنظر العام». تضاف إلى هذه الأسباب الأزمة الاقتصادية التي جعلت قيمة المبالغ في صناديق اللجان زهيدة مقابل ارتفاع كلفة تصليح الأعطال والصيانة الدورية. بعد الأزمة، يقول رئيس لجنة في بيروت، «توقّفنا عن دفع أجرة الناطور، وقمنا بمقايضة خدماته بالسكن في ملحق البناء». زد على ذلك، الخلافات التي تدور بين المالكين والمستأجرين على الجهة المسؤولة عن دفع مستحقات البناء، ولا سيما المستأجرين القدامى حيث يتقاضى المالك إيجاراً زهيداً لا يساوي ربع كلفة التصليح أحياناً، فيما يرفض المستأجر التصليح في مبنى قد يغادره قريباً.
يحذّر حيدر أحمد من مخاطر تعطيل لجان الأبنية لأن «التقاعس عن ترميم بناء من شأنه أن يؤدي إلى انهياره، وكلما أجّل السكان التصليح تضاعفت الفاتورة. فترتفع كلفة ترميم عمود مثلاً من 20 دولاراً إلى 500 بعد سنتين أو ثلاث سنوات عندما ينشقّ أكثر ويهترئ الحديد». ويوصي «بإشراف اللجنة على ترويب البلاط دورياً في الحمامات والمطابخ، حيث يزيد استخدام وسائل التنظيف مخلّفاً فراغات بين البلاطات، وبالتالي النش». وعن ارتفاع تكاليف الصيانة، يشير إلى أنّ «جمع مبالغ صغيرة شهرياً في صندوق اللجنة يتيح تأمين كلفة تصليح الأعطال الطارئة»، لكن «مراكمة الأعطال تؤدي إلى تراجع ثمن الشقة وبدل إيجارها». ويتفق مرقص مع حيدر أحمد على ضرورة «نشر الوعي حول لجان الأبنية، وإشراف البلديات عليها لناحية إلزامية تشكيلها والتزام جميع المالكين بالقرارات التي تصدر عنها، ولا سيما إذا اتخذت عبر التصويت».


القانون اللبناني: جمعية المالكين واجبة
من الناحية القانونية، يؤلّف مجموع مالكي الوحدات السكنية في العقار الواحد «جمعية المالكين العامة» لإدارة العقار وتنظيم العلاقة بين أصحاب الملك عندما يزيد عدد الأقسام الخاصة على ثلاثة، بموجب مرسوم «تنظيم الملكية المشتركة في العقارات المبنية» الصادر عام 1983. ويؤكد المحامي بول مرقص «إلزامية انتخاب رئيس للجمعية بطريقة الاقتراع السري فور تشكيل الجمعية ووضع نظام إدارة البناء مكتوباً ومصدّقاً لدى الكاتب العدل لتسجيله في السجل العقاري». والقرارات التي تتخذها الجمعية ملزمة، فقد «حدّد القانون سبل تنفيذها في حال عدم الامتثال لها، من دون أن ينصّ على عقوبات بحق المتخلّفين، على أنّ القرارات قابلة للطعن أمام محكمة البداية. فإذا لم يدفع المالك، مثلاً، ما يترتّب عليه من النفقات المشتركة خلال عشرة أيام من تبلّغه الإنذار، يعدّ الإنذار بمثابة سند خطي، ويحقّ لرئيس الجمعية أن يراجع دائرة الإجراء لتحصيلها وفق أحكام قانون تحصيل الديون الثابتة بسند خطي».

الناشر

هدى الجمال
هدى الجمال

shadow

أخبار ذات صلة